24/10/23
بناء العلامات التجارية في المنظمات غير الربحية

هل تستطيع المنظمات غير الربحية تغيير المجتمع عن طريق بناء علامة تجارية واعدة؟

يقدم هذا المقال فكرة قوية يمكن للمنظمات غير الربحية استخدامها من أجل تطوير المجتمعات بفكرة أبعد من نشاطاتها المباشرة حيث تتطلع هذه المنظمات إلى تطوير المجتمعات وزيادة الخير فيها وهي أنه يمكن لهذه المنظمات التأثير في سلوك الناس والمجتمع بالطريقة المرجوة من خلال بناء وتدعيم علامة تجارية قوية وملهمة، فتطوير العلامة التجارية مهم جداً لهذه المنظمات غير الربحية.

 

مفهوم العلامات التجارية بمنظور سكوت بيد بوري Scott Bedbur

فالعلامة القوية أساسية في بناء منظمات ذات أثر كبير، فمثلاً سكوت بيد بوري Scott Bedbur مستشار رائد ساعد شركات مثل نايكي Nike، وستاربكس Starbucks لتطوير علامتهم،  سكوت ألف كتاباً بعنوان ( (A Brand New Word وضع فيه تعريفاً ممتازاً للعلامة التجارية :

 

العلامة التجارية هي مجموع كل الأمور الجيدة، السيئة، والبشعة، وتلك الخارجة عن الاستراتيجية، فهي تُعرف عن طريق أفضل منتجاتك إلى جانب أسوء تلك المنتجات. وتُعرف عن طريق أفضل الإعلانات تلك التي تستحق جائزة تقدير وأسوء الإعلانات والتي تسربت، وحصلت على الموافقة ثم غرقت في غياهب النسيان. إنها تُعرف بأفضل موظفيك – النجوم الصاعدة الذين لا يقومون بأي خطأ وأولئك الذين كان توظيفهم خطأً، من أجل كل خطاب صغير أو كبير يقوم به المدير العام للشركة، كما تُعرف العلامة التجارية أيضاً بتعليقات الزبائن الساخرة التي تُسمع في قاعات الاستقبال أو في غرف الدردشة على الانترنت العلامات كالإسفنجة ماصة للمحتوى، للصور، للمشاعر العابرة، فتصبح العلامات مفاهيم نفسية في أذهان الناس، والتي قد تبقى للأبد، وعليه فإننا لا نستطيع التحكم بشكل كامل بالعلامة، إننا في أفضل الأحوال نستطيع توجيهها والتأثير بها.

 

 

 

 

كيف تظهر حقيقة هذه العلامات وما هي أهم الممارسات؟

في الحقيقة، تظهر علامة أي مؤسسة، أو منظمة غير ربحية ، عبر الأفعال والقرارات التي تقوم بها والظاهرة بشكل مباشر أو غير مباشر لجمهورها المستهدف أو غير المستهدف، حيث إن جوهر بناء وتطوير علامة ملهمة هو جهد واعٍ لجعل كل جزء من المنظمة ممثلاً لقيمها الأساسية، وعندها يصبح الدليل إلى العلامة (الشعار كمثال) أداة لخلق شعورٍ إيجابي، تعلق عاطفي، يأتي هذا الرابط العاطفي من علاقة ذات منفعة متبادلة قائمة على الثقة، التفاهم والدعم، إنه وعد العلامة الذي توفيه بخدماتها ومنتجاتها (جون بلويس، 2013).

إن مفهوم تأثير العلامة على الناس الذين تتوجه إليهم ليس فقط مفهوماً شائعاً في إدارة الأعمال، فالدراسات النفسية أظهرت تأثير العلامات القوية على السلوكيات وقدرتها على تغييريها في اللاوعي، فالمشاركون الذين عملوا بشعار شركة آبل Apple تصرفوا بطريقة أكثر إبداعاً من أولئك الذين عملوا بشعار شركة IBM ( فيتزسيمونس وآخرون، 2009). 

 

حيث أصبح الشعار مؤثراً على السلوك، محفزاً ينتج سلوكاً معيناً ، فالمنظمات غير الربحية الواعدة أو التي لها أهداف كبيرة وتريد تغيير المجتمع، والتي تقوم بهذا عن طريق تصميم وتقديم خدمات ومنتجات تساعد الناس على عيش حياة أفضل، مثل خدمات تعليمية وتدريبية ذات جودة، حلول إسكانية عملية بسعر منخفض، خدمات تشغيل وتوظيف، إلخ.

 

حيث تتطلع هذه المنظمات إلى المساعدة في تقوية وتمكين المجتمع وتحقيق أهداف الدولة وقيادتها، تساهم في خلق الفرص وخفض المعاناة، والعمل لتوسيع التفاهم بين المجتمعات المختلفة، وزرع الثقة بين أفراد المجتمع.

 

فمن أجل تحقيق أفضل لهذه الأهداف، ومن أجل خلق أثر إيجابي يحظى بقلوب وعقول الناس، يمكن لهذه المنظمات أن تعمل وتنفذ استراتيجية للعلامة التجارية، فتقترب من الناس بالقيمة التي تقدمها والتي تفي بوعد العلامة، فكلما كانت الرسالة مميزة، قوية، متطابقة كلما ازداد أثرها على الناس الذين تستهدفهم.

 

لنأخذ منظمة غير حكومية تعليمية، مدرسة تريد تشجيع وتدعيم التفكير الإبداعي المسؤول، والثقة لدى الطلاب والاعتزاز بهويتهم وثقافتهم، وكذلك أخلاق العمل، لكي تقوم هذه المنظمة بمهمتها ستقوم بتصميم مناهج مناسبة وتقدم للطلاب موارد علمية من كتب ومجلات محكمة وقصص ووسائل تعليمية ذات جودة عالية، وتوظف مدرسين محترفين وفريق إداري متمكن، وتقوم بتوظيف كادر على مستوى عالٍ للمتابعة الدائمة والبحث والتطوير.

وفي التالي سنقرأ نموذج العمل للمنظمة، وهي أداة تظهر القيمة المقدمة للمنظمة، العميل/ الجمهور المستهدف، القنوات والعلاقات، والبنية التحتية موضحة بالأنشطة الأساسية والموارد والشراكات.

 

تعمل هذه المدرسة للمحافظة على التميز والكفاءة والثقة في نشاطات التدريس والتدريب والإرشاد، في أعمال تطوير الأفراد العاملين لديها، في علاقتها مع عملائها، واختيارها لشركائها فهي تربط اسمها والشعار الخاص بها بجهد يومي للإيفاء بوعدها، الوعد الذي قطعته هذه المدرسة لزرع الثقة والاعتزاز والكفاءة في طلابها.

فإذا استطاعت هذه المدرسة أن تبني وتطور العلامة الخاصة بها، عندها ستكون الإشارة إلى هذه المدرسة – المنظمة التعليمة – كفيلة بخلق شعور من الاعتزاز والاقتدار في نفوس طلابها ومجتمعاتهم، فهي تحقق أهدافها عن طريق تقديم القيمة والتي تتمثل ببساطة في نشاطات التدريس والتعلم والإرشاد وتمكين طلابها بالمهارات والمعرفة التي يحتاجونها للبناء والانجاز إلا أن تأثيرها سيذهب أبعد من ذلك عندما تعمل على بناء الماركة التي تمثلها، والتي ستؤدي إلى تغييرات سلوكية تلك التي تسعى إليها فتساعد المجتمع في سعيه لمستقبل أفضل.

في النهاية

 من المهم أن تكون المنظمات غير الحكومية مدركة للفرص والتحديات التي يأتي بها الاستثمار في تطوير علامة فعالة معبرة عن القيم والتطلعات التي تمثلها هذه المنظمات لأن ذلك لن يعني فقط أنها ستصبح أقدر على تحقيق أهدافها والحصول على موارد مالية، بل ستكون أقدر على جعل المجتمع الذي تخدمه قادراً على إظهار الخير الذي فيه.




مقالات ذات صلة

08
Oct
2024
كيف أكتب ديجيتال؟

28
May
2024
أهمية الاتصال المؤسسي للعلاقات العامة

14
May
2024
دور مستشار الإعلام في تحديد وتنفيذ استراتيجيات الظهور الإعلامي للمنظمات غير الربحية