كيف أكتب "ديجيتال"؟
دليلك للكتابة في العصر الرقمي
تتساءل كصحفي باستمرار: كيف يمكنني مواكبة العصر الرقمي؟ ما أشكال الكتابة الجديدة المناسبة للبيئة الرقمية؟ ما المهارات اللازمة لأتفوق في مجالي؟ كيف أجذب المستخدمين لكتاباتي؟ في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة في البيئة الإعلامية منذ الانتقال إلى العصر الرقمي في أواخر القرن العشرين، وظهور وسائل إعلامية جديدة غيرت من طرق إنتاج وتوزيع واستهلاك المحتويات الإعلامية؛ مما شكل صعوبات وتحديات أصبح لزامًا معها التطوير والتحسين المستمر، تجعل من الضروري أن تطور من مهاراتك وتتكيف مع الأساليب والأدوات الجديدة للكتابة، في هذا السياق أقدم لك مجموعة من الجوانب الأساسية التي ستساعدك على الكتابة بفاعلية في البيئة الإعلامية الرقمية:
§ الجانب الأول: المهارات:
1. قيّم مهاراتك الأساسية:
تأكد من تمكنك من المهارات الصحفية الأساسية لتبني عليها المهارات الرقمية، فمن الضروري أن يكون لك أساس متين تستند عليه، عليك أن تتقن تحرير الفنون الصحفية الأساسية من خبر وتقرير وتحقيق وغيرها بطريقة سردية جذابة، وأن تجيد الوصول للمعلومة وتحسن التعامل مع مصادرها، وتراعي الأخلاقيات الصحفية كالصدق والدقة والموضوعية...
2. طوّر مهاراتك الرقمية:
أدى ظهور الوسائل الإعلامية الجديدة وتغير ذائقة المستخدمين وطرق استهلاكهم للمحتويات إلى تطوير أساليب وأدوات جديدة للكتابة تواكب التغيرات الحاصلة، ولتستطيع مواكبة متطلبات البيئة الإعلامية الجديدة عليك أن تتسلح بمهارات جديدة كالتصوير الفوتوغرافي والفيديو، والمونتاج والمكساج، والتصميم الجرافيكي، بالإضافة إلى تحليل البيانات، وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي، وتحسين محركات البحث لزيادة فرص ظهور المحتويات في نتائج البحث... خذ وقتك في تعلم المهارات الجديدة ولا تقلق من صعوبتها، فمع الوقت والاستمرار ستجدها أصبحت جزءًا من روتينك اليومي.
§ الجانب الثاني: المحتوى الصحفي:
1. اعتمد أساليب السرد الإبداعية:
يمكنك زيادة جاذبية محتوياتك من خلال توظيف أساليب جديدة للسرد القصصي الصحفي بالاعتماد على: Multimedia (استخدام أكثر من نوع للوسائط، مثل: النصوص والصور والفيديو...)، وCrossmedia (نشر المحتوى على أكثر من منصة)، وTransmedia (الاعتماد على موضوع رئيسي يطوّر عبر قصص فرعية متعددة على أكثر من منصة) وInteractive media (وسائط تتيح تفاعل المستخدمين مع المحتوى)، بالإضافة إلى استخدام تنسيقات وسائط أخرى: كالتدوين الصوتي Podcast والمرئي Vlog، وبالتطبيق على القصة الصحفية القديمة الجديدة "Snow Fall"[1] عام 2012م نجد أن صحيفة New York Times ضربت مثالًا ناجحًا لتوظيف الوسائط المتعددة بإبداعية حاز على جائزة "Pulitzer Prize" عام 2013م.
2. ركّز على التخصص والعمق:
يظهر تميز المحتوى المتخصص في ظل توفر المحتوى العام على أكثر من وسيلة ومنصة، وتزداد جاذبيته في عمق الطرح، وتلبية احتياجات المستخدمين والإجابة عن تساؤلاتهم، مع ذلك يجب مراعاة الاختصار دون الإخلال بالمحتوى؛ لصعوبة الحفاظ على تركيز المستخدمين لفترة طويلة في عصر السرعة، وستساعدك صحافة البيانات في إضفاء العمق، من خلال اعتمادها على جمع ومعالجة وتحليل البيانات، والخروج بمؤشرات ونتائج تمنح المستخدمين عمقًا معرفيًا يتجاوز السطحية المعتادة، كما تعرض الأرقام الجافة بشكل بصري جذاب؛ يسهم في تقديم الموضوعات المعقدة بطريقة مبسطة وسهلة الفهم، وتثري تجربة المستخدمين وتعزز من فهمهم للموضوعات المطروحة.
3. تَحقّق من صحة المعلومات:
في ظل انتشار المعلومات المغلوطة والمضللة، يصبح التحقق منها أمرًا أساسيًا للحفاظ على مصداقيتك وثقة المستخدمين، حيث يصعب استعادة الثقة بعد فقدانها، ولتحقيق ذلك يمكنك الرجوع إلى المصدر الأساسي للمعلومة، أو التدقيق في التواريخ والأماكن وحتى الظروف الجوية، أو استشارة الخبراء، أو استخدام المنصات والبرامج والأدوات المتخصصة في كشف الزيف، أو البحث العكسي عن الصور...
4. وظّف التكنولوجيا:
يمكنك تقديم تجربة غامرة للمستخدمين من خلال توظيف تقنيات الواقع الافتراضي VR والمعزز AR، والتصوير البانورامي 360O في عرض محتوياتك بشكل مبتكر، ويمكنك الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة: كتحليل البيانات عامة وبيانات المستخدمين خاصة؛ مما يضمن السرعة والدقة، ويوفر رؤى أعمق حول تفضيلات المستخدمين وتخصيص المحتويات، بالإضافة إلى إدارة منصات التواصل الاجتماعي بفاعلية أكبر، وتستطيع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في كتابة المحتويات وإعداد الوسائط المتعددة، ويُفضل الإشارة إلى دور الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتويات عند الضرورة، مع الحرص على المراجعة المستمرة تجنبًا للأخطاء وتعزيزًا للشفافية.
5. نوّع في قنوات توزيع المحتوى:
حاول توزيع محتواك عبر منصات وأجهزة متنوعة؛ لتوسيع نطاق وصولك إلى المستخدمين، مثل: مواقع الويب، وتطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، منصات التواصل الاجتماعي، وتأكد من مراعاة الاختلافات في خصائصها، وتقديم محتوى يتناسب مع كل منها؛ لضمان أفضل تجربة للمستخدمين.
§ الجانب الثالث: المستخدمون:
1. تعرّف على المستخدمين:
يختلف المستخدمون في خصائصهم وتفضيلاتهم، وطرق استهلاكهم للمحتويات، ومواقفهم تجاه الموضوعات والقضايا، ويمكن أن يساعدك البحث في الاختلافات بين الأجيال في معرفة المستخدمين، مثل: جيل Z (1997-2012)، وMillennials (1996-1981)، وX (1965-1980)، وBoomers (1946-1964)، وSilent ((1945-1928[2]، كما يمكنك الاستفادة من البيانات والتحليلات الرقمية لفهم الأنماط السلوكية للمستخدمين بشكل أعمق، ويساعدك في تخصيص المحتويات بما يتوافق مع تفضيلاتهم، وقياس فعالية المحتوى وتحسينه لتحقيق نتائج أفضل.
2. شارك المستخدمين وتفاعل معهم:
احرص على بناء علاقات قوية مع المستخدمين من خلال التفاعل ثنائي الاتجاه المباشر والشخصي المستمر، ويمكنك الاستفادة من تجربة مشاهير ومؤثري منصات التواصل الاجتماعي كمثال على ذلك، حاول دمج أي درجة من التفاعلية بدءًا من التعليقات واستطلاعات الرأي، ووصولاً إلى إشراك المستخدمين في كتابة المحتويات والتصوير الفوتوغرافي والفيديو وغيره؛ مما يعزز علاقتك بالمستخدمين، ويجعلهم يشعرون بأنهم جزء من التجربة الإعلامية المقدمة.
ختامًا، ستشهد البيئة الإعلامية المزيد من التطورات والتغيرات، والتكيف معها هو السبيل لضمان الاستمرارية والنجاح، طور مهاراتك دائمًا واستفد من التكنولوجيا لتقديم محتوى يلبي تطلعات المستخدمين.